أسلاميات

عمر بن عبد العزيز: الخليفة الزاهد الذي أضاء عصره بالعدل والورع

الخليفة الأموي عمر بن عبد العزيز بن مروان بن الحكم، هو يُعد ثامن خلفاء بني أمية، قد ترك بصمةً واضحةً في تاريخنا الإسلامى. لم يكن حكمه امتدادًا للسياسات السائدة في عصره، بل كان نموذجًا فريدًا للزهد والعدل والورع.

اسمه ونسبه ومولده: نشأة في بيت الخلافة

هو أبو حفص عمر بن عبد العزيز بن مروان بن الحكم بن أبي العاص بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف

ولد عمر بن عبد العزيز في المدينة المنورة سنة 61 هـ (681م) ونشأ  وتربى في بيئة دينية وعلمية بين أخواله فى المدينة. والدته هي أم عاصم ليلى بنت عاصم بن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، مما أكسبه صلة قرابة بالخليفة الراشد عمر بن الخطاب، الذي كان له تأثير كبير في شخصيته وسيرته. والده عبد العزيز بن مروان، والي مصر، كان مقبلاً على طلب العلم  وتأثر بالعلماء والفقهاء ، ولاه أماره المدينة المنوره الخليفة الوليد بن عبد الملك  عام 87 هـ  ثم ضم أليه ولاية الطائف عام 91 هـ فأصبح والياً على الحجاز ثم عزل لا حقا وذهب الى دمشق وبعد تولى سليمان بن عبد الملك الخلافة جعلة وزيراً وقربة أليه ولما مات عام 99 هـ تولى عمر بن عبد العزيز الخلافة.

زهده وورعه: مثال حي للتواضع والإيثار

تميز عمر بن عبد العزيز بزهده وورعه الشديدين، وهما صفتان قلما اجتمعتا في حاكم في عصره. فبعد أن تولى الخلافة، تخلى عن مظاهر البذخ والترف التي كانت سائدة في بلاط بني أمية. باع ممتلكاته الثمينة وتصدق بثمنها على الفقراء والمساكين. اتخذ لنفسه لباسًا خشنًا بسيطًا، وطعامًا زهيدًا، ورفض العيش في القصور الفارهة، مفضلاً عليها مسكنًا متواضعًا.

لم يكن زهده مجرد مظهر خارجي، بل كان نابعًا من قناعة راسخة بأن الدنيا فانية وأن الآخرة هي دار البقاء. كان كثير التفكير في الموت والحساب، مما جعله حريصًا على تطبيق شرع الله والعدل بين الناس. يُروى عنه أنه كان يجلس على الحصير ويقول: “اللهم إنك ابتليتني بهذا الأمر، فاعني عليه”.

كان ورعه يتجلى في أدق تفاصيل حياته وقراراته. كان يستشير العلماء والفقهاء في كل أمر من أمور المسلمين، ويتجنب الشبهات، ويحرص على تطبيق الحق والعدل حتى على أقرب الناس إليه.

تدوينة للحديث : أمر عمر بن عبد العزيز بعض العلماء مثل الأمام أبى بكر ابن حزم والإمام أبن شهاب الزهرى وغيرهم أن يجمعو حديث رسول الله علية الصلاة والسلام لخشيتة على ضياع الحديث ودس الأحاديث المكذوبة ، وكان لعمر بن عبد العزيز دوراً عظيماً فى جمع أحاديث رسول الله صلى الله علية وسلم .

روايتة للحديث :روى عمر بن عبد العزيز عن ابية وعن أنس بن مالك ويوسف بن عبد الله وأبى بكر بن عبد الرحمن وعروة بن الزبير و سعيد بن المسيب وابن شهاب الزهرى وأخرين  .

وروى عنة ولدية عبد العزيز وعبد الله ومحمد بن المنكدر وابو سلمة بن عبد الرحمن ويحى بن سعيد الأنصارى وأخرين كثيراُ

 

مكانتة العلمية : تربى عمر بن عبد العزيز على أيدى كبار الفقهاء فى المدينة ، أختار له أبوه صالح بن كيسان مربياً له كما أنة عاش فى زمن كان لا يزال عدد من الصحابة بالمدينة وقد حدث عن عبد الله بن جعفر بن أبى طالب  ، وسهل بن سعد ، والسائب بن يزيد ، وأم فى الصلاه بأنس بن مالك  وقال فية ( ما رئيت احداً اشبه صلاه برسول الله صلى الله عليه وسلم من هذا الفتى ) كما أن عمر بن عبد العزيز مذكور فى كتب الفقة الاربعة للاحتجاج بمذهبة  عند الأئمة مالك والشافعى وأبى حنيفة وأحمد بن حنبل

أهم مواقفه: إصلاحات جذرية وعدل شامل

تميزت فترة خلافة عمر بن عبد العزيز القصيرة (99-101 هـ / 717-720 م)  التى استمرت سنتين وخمسة اشهر بإصلاحات جذرية شملت مختلف جوانب الدولة والمجتمع. سعى إلى تحقيق العدل والمساواة بين المسلمين وغيرهم، وإلى رفع الظلم عن المظلومين.

من أبرز مواقفه وإصلاحاته:

  • رد المظالم: أمر برد الأموال والأراضي التي اغتصبها الأمويون أو ولاّتهم إلى أصحابها الشرعيين، بما في ذلك ما كان في يد بني أمية أنفسهم. وقد واجه في سبيل ذلك معارضة شديدة من بعض أفراد الأسرة، لكنه أصر على الحق.
  • تكوين مجلس للشورى : أثناء ولا يته المدينة المنوره كون مجلس للشورى سمى (مجلس فقهاء المدينه العشرة )
  • توسعه المسجد النبوى : اثناء ولايتة المدينة المنورة وسع المسجد النبوى بأمر الخليفة الوليد بن عبد الملك
  • جمع الحديث : أمر بجمع أحاديث رسول الله صلى الله علية وسلم خوفاً عليها من الضياع
  • إيقاف سب علي بن أبي طالب: كان الأمويون قد سنوا عادة سب علي بن أبي طالب رضي الله عنه على المنابر، فأمر عمر بن عبد العزيز بإيقاف ذالك
  • نشر العلم بين الناس : بعث العلماء لتعليم الناس فى مختلف البلاد وأمر عماله على الأقطار والاقاليم ان يأمرو العلماء بنشرالعلم بين الناس .
  • العمل بالشورى اثناء خلافتة : كان عمر بن عبد العزيز يرى أن الله ابتلاه بالخلافة ولم يكن يسعى اليها ولذالك حرص الأ يتولى امر الناس وهم رافضين خلافته وذالك من أول يوم له فى الخلافة لذالك عمل على التمسك بميدا الشورى بين المسلمين ويرى أنها باب رحمه
  • الاهتمام بالفقراء والمساكين: أمر بتوزيع الصدقات على المحتاجين،وسداد ديون الغارمين وتزويج الشباب  .
  • نشر العلم والدعوة إلى الإسلام: أرسل الدعاة والعلماء إلى مختلف المناطق لنشر العلم وتعليم الناس أمور دينهم، وشجع على ترجمة العلوم المختلفة.
  • إصلاح النظام المالي: عمل على تنظيم بيت المال وضمان توزيع الثروة بشكل عادل، وحارب مظاهر الفساد المالي والإداري.
  • تحقيق العدل : كان حريصاً على تحقيق العدل بين الرعية ويسأل عن ذالك العلماء الكبار أمثال الحسن البصرى يستشيرهم فى كيفية تحقيق العدل
  • التسامح مع المخالفين: اتسم حكمه بالتسامح الديني والتعايش السلمي مع أهل الذمة، وحافظ على حقوقهم.

لقد كانت هذه الإصلاحات بمثابة ثورة حقيقية على الأوضاع السائدة، وأعادت إلى الأذهان صورة الخلفاء الراشدين وعدلهم. وقد أثمرت هذه السياسات استقرارًا ورخاءً نسبيًا في الدولة الإسلامية خلال فترة حكمه القصيرة.

وفاته: نهاية حاكم عادل

توفي عمر بن عبد العزيز في رجب سنة 101 هـ (فبراير 720 م) عن عمر يناهز الأربعين عامًا. تضاربت الروايات حول سبب وفاته، فبينما يرى البعض أنها كانت طبيعية، يشير آخرون إلى دس السم له من قبل بعض الأمويين الذين تضرروا من إصلاحاته وسياساته العادلة.

بغض النظر عن سبب وفاته، فقد كانت وفاته خسارة كبيرة للأمة الإسلامية. فقد فقدت برحيله حاكمًا عادلاً وزاهدًا، وقائدًا حكيمًا سعى جاهدًا لإقامة الحق والعدل في الأرض. وقد رثاه الكثيرون من العلماء والشعراء وعامة الناس، الذين أدركوا قيمة هذا الرجل العظيم الذي أضاء عصره بنور العدل والورع.

أقرأ أيضاً :الإمام الشافعي: قامة شامخة في سماء الفقه الإسلامي

خاتمة: إرث خالد في ذاكرة التاريخ

يبقى عمر بن عبد العزيز في ذاكرة التاريخ الإسلامي نموذجًا فريدًا للحاكم المسلم الذي جمع بين السلطة والتقوى، وبين العدل والزهد. لقد أثبت أن الحكم الرشيد لا يقوم على القوة والترف، بل على تطبيق شرع الله والحرص على مصلحة الرعية. ورغم قصر مدة خلافته، إلا أن إصلاحاته وتركت بصمة عميقة في تاريخ الإسلام، وجعلت منه قدوة حسنة لكل حاكم يسعى للعدل والخير. وسيظل اسمه يتردد على مر العصور كرمز للزهد والورع والعدل.

أقرأ أيضاً :قصة سيدنا يوسف علية السلام

 

 

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى