قصة سيدنا يوسف علية السلام

قصة سيدنا يوسف عليه السلام أخبرنا عنها الله سبحانه وتعالى أنها من أحسن القصص ، ومن أجمل ما فيها أنها تبدا برؤيا وتنتهى بتحقيقها ، كما أن فيها معانى وعبر علينا أن نتعلم منها ، وسيدنا يوسف هو أبن نبي الله يعقوب عليه السلام،وجده سيدنا اسحاق عليه السلام ابن سيدنا أبراهيم عليه السلام ، لذالك هو الكريم ابن الكريم ابن الكريم ابن الكريم ، كان سيدنا يعقوب يحب ابنة يوسف جداً فقد كان هو وأخيه بنيامين أصغر أبناءة ، مما أثار غيرة إخوته الأكبر منه. كانوا يرون في هذا الحب تفضيلاً ليوسف عليهم.
في إحدى الليالي، رأى سيدنا يوسف رؤيا عجيبة قصها على أبيه يعقوب. رأى أحد عشر كوكبًا والشمس والقمر يسجدون له فهم يعقوب من هذه الرؤيا أن ليوسف شأنًا عظيمًا في المستقبل، وأوصاه ألا يقص رؤياه على إخوته خشية أن يكيدوا له كيدًا.
لكن الإخوة أجتمعوا وتآمروا على التخلص من يوسف. أقترحو قتله، بينما اقترح أحدهم إلقاءه في بئر بعيدة لعل قافلة تلتقطه وتذهب به بعيدًا عنهم وعن أبيهم. أستقر رأيهم على هذا الاقتراح الأخير.
جاء الإخوة إلى أبيهم نبى الله يعقوب ذات يوم وطلبوا منه أن يسمح ليوسف بالذهاب معهم ليلعب ويمرح وسوف يحافظون علية. تردد يعقوب في البداية خوفًا عليه من أن يأكلة الذئب وهم غافلون عنه، لكن إلحاحهم وإظهارهم الحرص عليه وأنهم عصبة لا يستطيع ذئب أكلة وهو معهم جعلة يوافق على مضض.
ما إن ابتعد يوسف عن عين أبيه حتى نفذ الإخوة خطتتهم وألقوه في بئر عميقة. ثم عادوا إلى أبيهم في المساء يبكون ويزعمون أن ذئبًا أكله، وقدموا قميصه ملطخًا بدم كذب. لم يصدق أبيهم قصتهم المزعومة وحزن يعقوب حزنًا شديدًا على فراق ابنه، لكنه صبر واحتسب أمره لله، وقال كما أخبر الله سبحانة وتعالى فى كتابه العزيز “بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْرًا فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ”.
شاء االله أن تمر قافلة بالقرب من البئر، فأرسلوا واردهم فأدلى دلوه فخرج يوسف متعلقًا به. فرح الوارد به واخذوه معهم ثم باعوه بثمن بخس دراهم معدودة..
أشتراه عزيز مصر، توسم فيه الخير والفطنة، فأوصى زوجته بإكرامه وتربيته تربية حسنة لعله ينفعهم أو يتخذونه ولدًا. نشأ يوسف في بيت العزيز وترعرع، وأتاه الله علمًا وحكمة.
لما بلغ يوسف أشده، آتاه الله حكماً وعلما. وذات يوم، راودته امرأة العزيز عن نفسه، لكن يوسف عليه السلام استعصم بالله ورفض الوقوع في الفاحشة. قال لها كما أخبر الله تعالى (قَالَ مَعَاذَ ٱللَّهِ ۖ إِنَّهُۥ رَبِّىٓ أَحْسَنَ مَثْوَاىَ ۖ إِنَّهُۥ لَا يُفْلِحُ ٱلظَّـٰلِمُونَ )
و فرّ يوسف مسرعًا نحو الباب، فإذا بامرأة العزيز تمسك بقميصه من الخلف فشقته.
وفي تلك اللحظة، دخل العزيز فبادرتة باتهام سيدنا يوسف كذباً أنه هو الذى يريد بها سوءاً وشهد شاهد من أهلها أن كان قميصه شق من القبل فصدقت وهومن الكاذبين، وإن كان قميصه شق من الدبر فكذبت وهو من الصادقين ، فلما رأى العزيز قميص يوسف قد من دبر، علم براءة يوسف وكذب امرأته، فأمرها بالاستغفار والتوبة وأمر سيدنا يوسف ان يعرض عما حدث.
انتشر خبر هذه الواقعه في المدينة، وبدأت بعض النساء يتحدثن عن امرأة العزيز وحبها لفتاها. فلما سمعت امرأة العزيز بمكرهن، أعدت لهن ما يتكئن عليه من وسائد وطعام وأعطت كل واحدة منهن سكينًا ليقطعن به الطعام ، ثم قالت ليوسف: “اخرج عليهن”. فلما رأين حسنه وجمالة أكبرنة وأجللنه وقالو هذا ملك كريم وليس بشر
عندها، قالت لهن امرأة العزيزكما أخبر الله تعالى فى كتابة العزيز
(قَالَتۡ فَذَٰلِكُنَّ ٱلَّذِي لُمۡتُنَّنِي فِيهِۖ وَلَقَدۡ رَٰوَدتُّهُۥ عَن نَّفۡسِهِۦ فَٱسۡتَعۡصَمَۖ وَلَئِن لَّمۡ يَفۡعَلۡ مَآ ءَامُرُهُۥ لَيُسۡجَنَنَّ وَلَيَكُونٗا مِّنَ ٱلصَّٰغِرِينَ)
لما سمع يوسف هذا التهديد، لجأ إلى الله ودعاه أن يصرف عنه كيدهن، وفضل السجن على الوقوع في الفتنة. فاستجاب الله دعاءه وسُجن يوسف بضع سنين.
في السجن، تعرف يوسف على فتيين آخرين كانا مسجونين معه. رأى أحدهما في منامه أنه يعصر خمرًا، ورأى الآخر أنه يحمل فوق رأسه خبزًا تأكل الطير منه. طلب الاثنان من يوسف أن يؤول لهما رؤياهما، وكان يوسف قد آتاه الله علم تأويل الأحلام.
بدأ سيدنا يوسف يدعوهم ألى عبادة الله وأخبرهم عن دينه ودين آبائه وهو الأسلام ثم أخبر يوسف الأول بأنه سيخرج من السجن ويعمل ساقيًا للملك، وأخبر الثاني بأنه سيصلب وتأكل الطير من رأسه. وطلب من الذي ظن أنه ناجٍ أن يذكره عند الملك.
لكن الشيطان أنساه ذكر يوسف للملك، فبقي يوسف في السجن بضع سنين أخرى. وفي يوم من الأيام، رأى الملك رؤيا أفزعته ، قال الله تعالى فى كتابة الكريم
(وَقَالَ ٱلْمَلِكُ إِنِّىٓ أَرَىٰ سَبْعَ بَقَرَٰتٍۢ سِمَانٍۢ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌۭ وَسَبْعَ سُنۢبُلَـٰتٍ خُضْرٍۢ وَأُخَرَ يَابِسَـٰتٍۢ ۖ يَـٰٓأَيُّهَا ٱلْمَلَأُ أَفْتُونِى فِى رُءْيَـٰىَ إِن كُنتُمْ لِلرُّءْيَا تَعْبُرُونَ).
جمع الملك مستشاريه ليسألهم عن تأويل رؤياه، لكنهم عجزوا عن ذلك.
عندها، تذكر الساقي يوسف في السجن، وطلب من الملك أن يرسله ألى السجن ليأتى له بتأويل رؤياه.
فسر يوسف الرؤيا بأنها تدل على سبع سنين من الخصب والرخاء، تليها سبع سنين من الجدب والقحط الشديد. ونصحهم بأن يدخروا في سنين الخصب ما يكفيهم لسنين الجدب.
أعجب الملك بتفسير يوسف وحكمته، وطلب أن يأتو بة ألية. لكن يوسف أبى أن يخرج حتى تظهر براءته من قضية امرأة العزيز وقال لرسول الملك أن يرجع الية ويسأله عن أمر النسوه اللاتى قطعن أيديهن . فأمر الملك بالتحقيق في الأمر، واعترفت امرأة العزيز أمام الجميع ببراءة يوسف وكذبها.
عندها، خرج يوسف من السجن وقد ارتفعت مكانته وعلا شأنه. وطلب من الملك أن يجعلة على الخزائن ليس طمعاً فى منصب ولكن لمعرفتة ودرايتة بكيفية أدارتها لصالح البلاد والعباد وولاه الملك على خزائن الأرض، فأحسن التدبير والتصرف في سنين الخصب، وادخر ما يكفي لمواجهة سنين الجدب.
لما حلت سنين القحط، جاء الناس من كل مكان إلى مصر ليجلبو الطعام. وكان من بين هؤلاء اخوة يوسف.و دخلوا على يوسف ولم يعرفوه، بينما عرفهم هو.
بدأ يوسف باستجوابهم وسؤالهم عن أحوالهم وأهلهم. وأعطاهم الطعام وطلب منهم أن يأتوا بأخيهم الأصغر ، وان لم يأتو به فلن يعطيهم طعام ولا يقربو منه ، وطلب من غلمانه أن يردو أليهم بضاعتهم التى أتو بها ليشترو الطعام فى رحالهم .فاخبروه أنهم سيطلبون من أبية ذالك ، وعندما رجعو الى أبيهم وأخبروه أن يعطيهم أخاهم بنايمين ليذهبو به الى مصر ، قال لهم أباهم كيف ائتمنكم عليه كما ائتمنتكم على اخية يوسف من قبل، ولما فتحو أمتعتهم ووجدو بضاعتهم ردت أليهم قالو لابيهم أن بضاعتهم قد ردت اليهم والحو فى طلب ان يعطيهم بنايمين ليذهبو بة حتى يعطيهم سيدنا يوسف الطعام الذى يحتاجونة فوافق سيدنا يعقوب بشرط ان يعاهدوه ويقسمو له أن يرجعو بة الأ ان يحاط بهم فعاهدوه على ذالك ،وعندما عادوا ألي سيدنا يوسف ومعهم أخوهم بنيامين، قربه ألية وطمأنة وأخبرة أنه يوسف أخوه
وضع يوسف صواع الملك في رحل أخيه، ثم أمر مناديًا أن ينادي بأنهم سارقون. ولما فتشوا رحالهم وجدوا الصواع في رحل بنيامين. عندها قال الأخوه أنه ان سرق فقد سرق أخ له قبل ذالك يقصدون سيدنا يوسف وهو لم يحدث فأسر ذالك سيدنا يوسف فى نفسه(قَالَ أَنتُمۡ شَرّٞ مَّكَانٗاۖ وَٱللَّهُ أَعۡلَمُ بِمَا تَصِفُونَ) .
طلب الأخوه من سيدنا يوسف أن يأخذ أحدهم بدلاً من بنايمين حيث أن له اباً كبيراً فى السن سيحزن على فراقة لكن يوسف أصر على تطبيق القانون، وقال إن من وجد الصواع في رحله فهو الذي سيحتجزه. ولما ياسو من أن يعطيهم أخاهم قال اخوهم الكبير ألم تعلمو أنكم عاهدتم أبيكم أن ترجعو بأخاكم فانى لن أرجع معكم وارجعو أنتم ,اخبروه أن بنايمين قد سرق وقصو عليه ما حدث.
ولما رجعو الى أبيهم وقصو ماحدث عليه لم يصدقهم وحزن حزناً شديدا حتى أبيضت عيناه من الحزن ثم بعد فتره طلب منهم أن يذهبو ألى مصر ليعرفو أخبار يوسف واخية ، ولكنهم تعجبو من أنه لم يفقد الأمل فى رجوع يوسف ولكنة أخبرهم أنه يعلم من الله ما لا يعلمون .
وعندما دخلو على سيدنا يوسف أشتكو له من الجدب والضرر الذى لحق بهم وأنهم أحضرو بضاعه رديئة قليله ليشتروا بها الطعام وطلبو منه أن يقبلها ويعطيهم الطعام ، وعندها أخبرهم سيدنا يوسف بما فعلوه به سابقا وبأخوة فعرفو أن الله نصره واكرمه وفضله عليهم بعد ما فعلو بة واعترفو بخطأهم ، فقاله لهم سيدنا يوسف (قَالَ لَا تَثۡرِيبَ عَلَيۡكُمُ ٱلۡيَوۡمَۖ يَغۡفِرُ ٱللَّهُ لَكُمۡۖ وَهُوَ أَرۡحَمُ ٱلرَّٰحِمِينَ)
ثم طلب يوسف منهم أن يذهبوا بقميصه ويلقوه على وجه أبيه يعقوب ليرتد بصيرًا، ثم يأتوا إليه بأهلهم أجمعين. فعل الإخوة ما أمرهم به يوسف، وما إن شم يعقوب رائحة قميص يوسف حتى عاد إليه بصره وفرح فرحًا شديدًا.
أجتمع شمل العائلة من جديد في مصر، ودخلوا على يوسف وسجدوا له سجود تحية وكان مشروعاً وقتها قبل الإسلام أما فى الإسلام فلا يجوز السجود لغير الله ، وتحققت رؤياه القديمة. عندها ذكر يوسف ابية بالرؤيا التى رأها وهو صغير وحكاها له قال يوسف لأبيه كما قال تعالى :
” قَالَ يَٰٓأَبَتِ هَٰذَا تَأۡوِيلُ رُءۡيَٰيَ مِن قَبۡلُ قَدۡ جَعَلَهَا رَبِّي حَقّٗاۖ وَقَدۡ أَحۡسَنَ بِيٓ إِذۡ أَخۡرَجَنِي مِنَ ٱلسِّجۡنِ وَجَآءَ بِكُم مِّنَ ٱلۡبَدۡوِ مِنۢ بَعۡدِ أَن نَّزَغَ ٱلشَّيۡطَٰنُ بَيۡنِي وَبَيۡنَ إِخۡوَتِيٓۚ إِنَّ رَبِّي لَطِيفٞ لِّمَا يَشَآءُۚ إِنَّهُۥ هُوَ ٱلۡعَلِيمُ ٱلۡحَكِيمُ “.
وهكذا انتهت قصة نبي الله يوسف عليه السلام، وهي قصة مليئة بالدروس والعبر عن الصبر والابتلاء والعفو والصفح وحسن الظن بالله. إنها تذكرنا بأن الله تعالى لا يضيع أجر المحسنين وأن العاقبة دائمًا للمتقين.
أقرأ أيضاً :سلمان الفارسى : رحلة البحث عن الحق