قصه نبى الله موسى والخضر عليهما السلام من أكثر القصص المعبرة في القرآن الكريم، حيث تعلمنا الكثير من الدروس والعبر التي يجب أن نعيش بها في حياتنا وأن نعلمها لأطفالنا، حيث يجب أن نعلم دائمًا أنه فوق كل ذي علم عليم مهما بلغنا من العلم.
قصه نبى الله موسى والخضر عليه السلام
يوجد في قصه نبى الله موسى والخضر عليه السلام عدد كبير من الحكم والمواعظ التي أراد الله أن يعلمها لنبيه الكريم عليه السلام، ولهذا من الضروري أن نتعرف على هذه القصة بتفاصيلها حتى نتعلم ونستفد كما تعلم سيدنا موسى عليه السلام:
- حدثت قصه نبى الله موسى والخضر عليه السلام بعد أن قام بني إسرائيل بسؤال نبي الله عن أعلم أهل الأرض، وكان رده عليهم بأنه هو نبي الله وهو أعلم شخص على وجه الأرض.
- لكن الله عز وجل عاتب نبيه لأنه لم يرجع فضل هذا العلم الكبير له، وليعلم نبيه ويعلمنا جميعًا درسًا أخبره بأنه يوجد في الأرض من هو أعلم منه.
- وأخبره أنه رجل صالح موجود عند مجمع البحرين وأفاض الله عليه بعلم كثير يفوق علم نبيه الكريم موسى.
- فسأل موسى عليه السلام عن طريقة الوصول لهذا الرجل فأخبره الله بأن يخرج ويأخذ مع حوت وعندما يصل للمكان الذي يفقد فيه الحوت سوف يجد هذا الرجل.
- فسمع سيدنا موسى لكلام ربه وأخذ معه الحوت ورفيقه يوشع بن نون، ووصلوا إلى صخرة غلبهم عندها النوم.
- عندما ناموا شرب الحوت من عين ماء كانت في هذه الصخرة، يطلق على هذه العين عين الحياة، فردت في الحوت الحياة فهرب للماء وترك أثره على الطريق.
- ذلك كما قال سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام (وفي أصْلِ الصَّخْرَةِ عَيْنٌ يُقَالُ لَهَا: الحَيَاةُ لا يُصِيبُ مِن مَائِهَا شيءٌ إلَّا حَيِيَ، فأصَابَ الحُوتَ مِن مَاءِ تِلكَ العَيْنِ – قالَ: فَتَحَرَّكَ وانْسَلَّ مِنَ المِكْتَلِ).
- بعد أن أفاق موسى ورفيقه من النوم استمروا في السير من دون أن يسأل رفيقه عن الحوت، حتى تجاوز المكان الذي أشار الله له ولم يجد الرجل الصالح.
- بعد هذه الرحلة شعر موسى بالجوع فطلب من رفيقه الطعام فتذكر الفتى ما حدث للحوت، فأخبر موسى بما حدث وهذا النسيان كان بسبب الشيطان.
- ذلك كما ورد في قوله تعالى: (فَلَمّا جاوَزا قالَ لِفَتاهُ آتِنا غَداءَنا لَقَد لَقينا مِن سَفَرِنا هـذا نَصَبًا * قالَ أَرَأَيتَ إِذ أَوَينا إِلَى الصَّخرَةِ فَإِنّي نَسيتُ الحوتَ وَما أَنسانيهُ إِلَّا الشَّيطانُ أَن أَذكُرَهُ وَاتَّخَذَ سَبيلَهُ فِي البَحرِ عَجَبًا).
الاتفاق بين موسى والخضر
عندما ألتقى الخضر بني الله موسى كان يعرف أن ما لديه من علم لا يعرفه موسى، قد يكون سبب في قلق أو اعتراض نبي الله على أفعاله، فكان من الضروري أن يكون بينهم اتفاق لتتم هذه الرحلة:
- عاد موسى عليه السلام إلى المكان الذي فقد فيه الحوت فوجد هناك الرجل الصالح، وتعرفوا على بعضهم وأخبره الخضر بأن الله أعطى كل منهم علم لا يعرفه الاخر.
- رغم ذلك أثر نبي الله موسى على أن يصاحب الخضر في رحلته، ووافق الخضر بشرط واحد هو ألا يسأله موسى عن أي شيء يقوم به حتى إذا كان يرفضه.
- وافق نبي الله موسى على هذا الشرط لرغبته في مشاركة الخضر في رحلته، ليتعلم منه كل العلم الذي لا يعرفه، فودع رفيقه وأنطلق هو والخضر معًا لتبدأ رحلتهم.
قصة الخضر وخرق السفينة
تعتبر هذه القصة هي أول حدث في الرحلة بعد إتمام الاتفاق بين سيدنا موسى عليه السلام والخضر، والتي يصطدم فيها نبي الله بعدم علمه بكل الأمور:
- توجه الخضر وبصحبته نبي الله موسى إلى شاطئ البحر ليبدأ الرحلة، فجاء إلى الشاطئ سفينة كان يعرف أصحابها الخضر.
- سمح أصحاب السفينة للخضر وموسى عليه السلام بأن يقوموا بالركوب معهم في السفينة، وأن يساعدهم في الوصول للمكان الذاهبين إليه.
- ليس ذلك فقط بل قاموا أصحاب السفينة بذلك من دون أن يأخذوا أي أجر من الخضر وموسى عليه السلام.
- في منتصف الرحلة قام الخضر بخلع جزء من الأخشاب في المركب، ولكن موسى قام بتغطية ذلك بملابسه وتعجب من فعل الخضر وسأله عن كيف يقوم بذلك.
- تعجبه كان من أن هذا الفعل قد يسبب غرق السفينة وهؤلاء القوم قدموا لهم المساعدة وبدون أجر، وكان ذلك أول اختبار لا ينجح فيه موسى عليه السلام.
- لكن الخضر ذكره باتفاقهم وأنه يعلم أن موسى لن يقدر على الصبر عن ما لا يعلم، فاعتذر موسى عن نسيانه ذلك.
قصة الخضر وقتل الغلام
القصة الثانية كانت بمثابة حدث جلل لنبي الله موسى، حيث أن ما حدث فيها كان يخالف كل ما يعلمه ويدعوا إليه بل ويجد فيها معصية نهى عنها الله لكنه لم يكن يعلم ما يعلمه الخضر في ذلك الوقت:
- بعد نزولهم من السفينة قاموا بالمشي في البلد التي وصلوا لها، حتى وجدوا مجموعة من الأطفال يقومون باللعب معًا.
- فقام الخضر بأخذ طفل من بينهم بعيد عن باقي الأطفال وقام بإلقاء هذا الطفل على الأرض وقام بقتله، فكان هذا الاختبار أقصى على موسى من السابق.
- في هذه اللحظة موسى عليه السلام وصل إلى قمة تعجبه مما حدث، وسأل الخضر عن سبب ما قام به خاصًة أنه طفل لم يقوم بأي ذنب ولم يقتل أحد ليقتص منه.
- فذكره الخضر مره ثانية بالاتفاق بينهم فأعتذر موسى مره أخرى، ومن شدة إحراجه من نسيان الاتفاق أخبر الخضر بأن هذا الأمر لن يتكرر وإذا تكرر سوف يفترقوا.
قصة الخضر وإقامة الجدار
هذه القصة كانت أخر القصص في رحلة موسى عليه السلام مع الخضر، وذلك لإخلال موسى بالاتفاق الذي كان بينهم لعدم علمه بالأمور:
- استمر موسى عليه السلام بالسير مع الخضر حتى ذهبوا إلى قرية أخرى، وكان أهل هذه القرية لا يحترمون الغريب ولا يكرمون ضيوفهم ولا يطعمون الجائع.
- في أثناء سيرهم معًا وجدوا جدار أوشك على السقوط، فقام الخضر بإقامة هذا الجدار مره ثانية.
- فقال له موسى عليه السلام لو كنت مكانك لطلبت منهم أجر على هذا العمل لنشتري طعام لنا على الأقل.
- في ذلك الوقت قال له الخضر الأن نفترق لأنك لم تصبر، كما أنك لم تلتزم بالاتفاق القائم بيننا من بداية الرحلة.
تفسير الخضر للأحداث التي قام بها
بعد أن وصل نبي الله موسى مع الخضر لنهاية الاتفاق لعدم قدرته على الصبر على كل هذه الأحداث التي في ظاهرها تخالف كل المبادئ التي يدعوا لها، كان على الخضر أن يفسر له الأسباب التي يعلمها ولا يعرفها موسى وراء كل هذه القصص:
- فعندما خرق السفينة كان ذلك لأنه يعلم بأنهم سوف يمرون على ملك، يأخذ كل السفن السليمة التي تمر عليه بالقوة، فقام بذلك لينجيهم من يده.
- عندما قتل الطفل كان لأنه يعلم بأن طبعه هو الكفر، وأن أهله سوف يشقيان بسببه، وأن الله سوف يعوضهم من هو أفضل منه.
- أما إقامة الجدار في القرية الظالمة، فكان ذلك لعلم الخضر بأن الجدار لطفلين صغار ترك لهم أهلهم الصالحين كنز أسفل هذا الجدار، فأقام الجدار لحفظ كنزهم.
دعوى موسى أنه أعلم أهل الأرض
لم ينكر أو يقلل الله عز وجل من علم نبيه موسى عليه السلام، لكن الله عز وجل كان لديه هدف أخر من قصه نبي الله موسى والخضر عليه السلام عندما سأله بني إسرائيل عن أعلم أهل الأرض:
- حيث أن أنبياء الله جميعًا لديهم علم كبير يتلقوه من الله من خلال الوحي، لكن الدرس الأهم من هذه القصة هو أنه كان من الضروري على موسى عدم الغرور بذلك.
- ليس هذا فقط بل كان من الضروري على النبي ذو العلم أن يرجع فضل هذا العلم إلى الله، حيث أنه هو من علمه ذلك وقادر على أن يعلم غيره أكثر منه كما حدث.
أين ألتقى موسى بالخضر؟
إن هناك اختلاف كبير بين العلماء على المكان الذي قابل فيه نبي الله موسى الخضر، ولذلك نجد أن في هذه النقطة يوجد ثلاث أراء مختلفة:
- الرأي الأول أن مجمع البحرين هو المكان الذي يلتقي فيه بحر الروم الموجود في الغرب مع بحر فارس الموجود في الشرق، أي أنه في المغرب قرب مدينة طنجة.
- أما الرأي الثاني يقول أن مجمع البحرين في أفريقية مكان التقاء نهر الكر مع نهر الرس، واللذان يصبان في البحر.
- لكن الرأي الثالث قال أن مجمع البحرين هو بحيرة التمساح، وذلك حيث يلتقي البخر الأبيض مع البحر الأحمر.
- بعض المؤيدين للرأي الثالث قالوا أنه بالتحديد في البحر الأحمر مكان التقاء خليج السويس بخليج العقبة.
- استندوا في ذلك الرأي على استقرار اليهود في ذلك المكان بعد خروجهم من مصر.
أقرأ ايضاً : قصه ذى القرنين
العبر المستفادة من قصه نبى الله موسى والخضر عليه السلام
توجد الكثير من العبر التي نستفيد بها من قصة موسى عليه السلام مع الخضر وهذه العبر هي:
- أن الله عز وجل قادر على أن يحي الموتى كما حدث في الحوت.
- أن العلم مكانته عالية حتى أنه يتوجب السفر للحصول عليه كما حدث مع سيدنا موسى وتحمله لمشاق الرحلة حتى قابل الخضر.
- أنه من الضروري على من يتعلم أن يكون صبور بما يكفي للاستفادة ممن يعلمه.
- أن على المعلم حق شرح وتوضيح ما يعلمه في الوقت الذي يراه مناسب، وأن يكون تفسيره مقنع للمتعلم كما فعل الخضر مع موسى عليه السلام.
- يجب على المتعلم أن يرجع دائمًا إلى من يعلمه وأن يتأدب معه، كما كان يقوم سيدنا موسى بالفعل مع الخضر حين يذكره باتفاقهم.
- أن عملك الصالح قد يكون سبب في حماية أبنائك حتى بعد وفاتك، وذلك كما جاء في قصة الجدار.
- كما أن عملك للخير وتقديم المساعدة للغير قد يساعدك في النجاة من شرور الأخرين، كما ذكر في قصة خرق السفينة.
تعرفنا في هذا المقال على قصه نبى الله موسى والخضر عليه السلام، والتي تعد من أكثر القصص إثارة حيث تحتوي على الكثير من الأحداث التي كنا نتمنى أن تكون اكثر من ذلك حتى نتعلم منها أكثر وندرك أن ما بلغناه من العلم من فضل الله وحده ويمنحه لمن يشاء.
أقرا أيضاً :قصه الصحابى أسامه بن زيد